وضعت لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية ستراتيجيتها الشاملة التي تتنوع سياسياً ومجتمعياً على أساس من رؤية تتلخص باعتبار المصالحة الوطنية العادلة والشاملة والمقبولة صيغة انقاذية للعراق، وأنها الخيار الستراتيجي الأفضل، وبديلها إمّا احتراب أهلي مرشح بقوة أن ينتهي بتقسيم البلاد أو يبقيها في مربع اللا أمن واللا استقرار واللا تنمية الذي يدفع ثمنه الجميع أو يصيّرها دويلات عرقية طائفية تتنازع السلطة والثروة والسيادة. أيضا فالمصالحة الوطنية أفضل طريق لاستعادة وحدة وهيبة الدولة وأنها أهم حاضن يضمن محاربة الإرهاب والجريمة والفساد والفوضى.
على ذلك فالمصالحة أفضل الحلول وسواها من البدائل تعتبر كارثية ولا يمكن التنبأ بنتائجها المدمرة. والمصالحة وإن كانت شائكة ومعقدة تتداخل فيها الخلافات والصراعات الداخلية والإقليمية والدولية إلاّ أنها قابلة للإنجاز اذا توفر الفهم العميق والرغبة الصادقة والإرادة القوية والسياسات المرنة.
حل الأزمة
ترى اللجنة أنَّ حل الأزمة العراقية يستند مقاربة سياسية رئيسة (تشتمل مقاربات ضمنية) تعني وضع حلول شاملة وإلزامية لجميع ملفات الدولة الخلافية، فالمصالحة تعني تسوية تاريخية بين القوى الفاعلة في المجتمع العراقي على تنوعه لتحقيق مصالحة وطنية شاملة تضع إطار عقدٍ سياسي للثابت والمتحرك من المبادىء والأسس والحلول والإلتزامات المتبادلة بين أطراف الأزمة وضمن سقوف زمنية محددة تلتزم بها أطراف التسوية. أما المقصود بالمقاربات الضمنية فهي المقاربتان المجتمعية التنموية والعسكرية الأمنية، فالمقاربة المجتمعية التنموية تعني استمرار المصالحات المجتمعية على تنوعها مع استمرار جهد الدولة التنموي والخدمي وبالذات في المناطق المحررة والمنكوبة بما فيها النازحين والمهجرين ضمن برامج الإستقرار المجتمعي. أما المقاربة العسكرية فتعني استمرار الجهد العسكري الأمني لمحاربة الإرهاب باعتباره تهديداً لكيان الدولة، وأيضاً إسقاط العنف كورقة تفاوضية من قبل أي طرف، فكما لا يصح تقديم المقاربة العسكرية الأمنية على المقاربة السياسية لا يصح أيضاً تغطية الإرهاب وشرعنة العنف وادخاله أداة ضغط وابتزاز سياسي. إنَّ المقاربة السياسية للمصالحة الشاملة في الوقت الذي ترفض استخدام العنف كورقة ضغط من قبل أي طرف فإنها تفترض أيضاً وجود أطراف عراقية جادة وصادقة بالتوصل الى حلول شاملة للقضايا الخلافية، وتفترض أيضاً وجود قوى رافضة بالمطلق لمصالحة تاريخية عراقية كجماعات الإرهاب والعنف والفوضى، الأمر الذي يوجب عزلها وعدم تغطيتها ومحاربتها بكل قوة لضمان عدم عرقلتها لمسيرة السلام، وهذا ما نعنيه بالمقاربة العسكرية الأمنية.
الأطر المرجعية
اعتمدت اللجنة على ثلاثة أطر مرجعية لستراتيجيتها وسياساتها، وترى أنَّ هذه الأطر الثلاث يمكن اعتماد ثوابت محددة منها كأساس للعقد السياسي التصالحي، والأطر هي:
1- الدستور العراقي والقوانين النافذة.
2- الميثاق السياسي بين القوى السياسية أثناء تشكيل حكومة الدكتور حيدر العبادي.
3- البرنامج الحكومي الذي تشكلت بموجبه حكومة الدكتور حيدر العبادي.
على ضوء هذه الأطر المرجعية استفادت لجنة المصالحة من عملها التراكمي منذ تأسيسها ووظفت أيضاً جميع المبادرات التي اقترحتها الرئاسات الثلاث والقوى والنخب الوطنية وضمنتها ضمن ستراتيجيتها، واللجنة منفتحة على أي اقتراح أو تطوير جديد. وفي هذا الإطار نذكر الجهود الكبيرة التي بذلتها اليونامي والعديد من المنظمات الدولية الأخرى.
الثوابت
نؤكد هنا أنَّ المصالحة ليست معادلة صفرية وخط شروع صفري بل تستند الى الثوابت التالية:
1- الإلتزام بوحدة دولة العراق والحيلولة دون التماهي مع المشاريع الأجنبية التي تتعارض مع وحدة وسيادة ومصالح العراق .
2- القبول باستحقاقات العملية السياسية والنظام الديمقراطي كجوهر لإنتاج السلطات وأساس لبناء الدولة وادارة مؤسساتها على اساس من المواطنة ودولة المؤسسات.
3- قبول جميع الأطراف برفض تجربة الحكم الدكتاتوري والإقصائي والتمييزي كنهج لإدارة الدولة في أي وقت من الأوقات.
4- احترام حقوق الانسان ومجمل الحريات السياسية والمدنية.
5- نبذ العنف والتآمر والعدوان في حل المشكلات المجتمعية والسياسية واعتماد الحوار والآليات الديمقراطية لإدارة الخلاف والصراع بعيداً عن الإحتكام الى السلاح.
6- الإلتزام بالثوابت الدستورية والإستعداد لإجراء التعديلات الدستورية وفق الآليات التي نص عليها الدستورٍ.
7- إدانة وتجريم ومحاربة الارهاب بكل أشكاله والعنف والفساد الذي يستهدف العراقيين ومؤسسات الدولة وعدم إضفاء الشرعية أو المشروعية من قبل جميع الأطراف على تلك الأعمال.
8- ادانة ورفض نهج التكفير والتخوين بحق أي من مكونات المجتمع العراقي.
9- سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة وعدم السماح بوجود كيانات مسلحة خارج إطار الدولة.
10- القبول باستحقاق التعددية الدينية والقومية والمذهبية والسياسية على قاعدة المواطنة كمنظومة حقوق والواجبات المتكافئة بما يعزز الإنتماء والولاء والهوية الوطنية.
أسس التسوية
لضمان مصالحة حقيقية راسخة ومورد قبول الجميعٍ لابد من استحضار الأسس التالية:
1- التسوية الشاملة وليس التنازل أحادي الجانب.
2- مبدأ اللاغالب واللامغلوب.
3- الأمن الشامل مقابل المشاركة الشاملة.
4- تصفير الأزمات بين القوى المتفاوضة.
5- التنازلات المؤلمة من جميع الأطراف.
6- سلمية الصراع بما يضمن اسقاط العنف كورقة سياسية بتحقيق التسويات السياسية.
7- المصالحة أفضل الحلول وأقلها تكلفة وبديلها خسارة للجميع والتي تعني عدم الإستقرار أو الحرب الأهلية أو تقسيم الدولة.
المصالحة مع مّن؟
ترى اللجنة أنَّ المصالحة هي تسوية تاريخية تنهي الخلاف العراقي العراقي، وبما أنَّ الأزمة شاملة ومتعددة داخل أطر العملية السياسية وخارجها وجب أيضاً أن تكون صيغ الحل شاملة تدخل فيها ومن خلالها جميع أطراف الأزمة وصولاً لتفاهم واتفاق شامل لحل الخلاف وضمان تطبيق التزاماته. على هذا الأساس تكون المصالحة بين القوى الفاعلة في المجتمع العراقي على تنوعه سواء كانوا داخل العملية السياسية أو خارجها بما فيها المعارضة السياسية والمسلحة وضمن سقف الدستور، فالمطلوب اتفاق تاريخي تعقده أطراف الأزمة من خلال تفويض لممثلين معتمدين وأصحاب قرار يتفقون على المبادىء والأسس والمطالب والجدولة المتبادلة لتنفيذ بنود المصالحة.
(موجز خطة التسوية النهائية)
على أساس من ستراتيجيتها قامت لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية وبالتعاون الوثيق مع اليونامي وعلى مدى شهور بالإتصال بمختلف الأطراف ذات العلاقة داخل العملية السياسية وخارجها بصفة مباشرة أو عبر وسطاء لغرض ايجاد تفاهمات أولية لإنجاز المصالحة الوطنية، ولم تعلن اللجنة عن لقاءاتها تلك بناء على طلب بعض الأطراف المعارضة أو للإبتعاد عن المناكفات أو المزايدات والتسقيط السياسي الذي يمارسه البعض، وكانت جميع الإتصالات ضمن سقف الدستور. وقد تمخضت عن تلك الجهود تفاهمات ومطالب أولية ستكون قاعدة للتفاوض ويضاف لها أو يتم تطويرها خلال سير المفاوضات. وعلى أساس من ذلك تم وضع خطة عملية لإنجاز اتفاق مصالحة نهائي بين الأطراف من ست مراحل تم انجاز ثلاث مراحل منها، ونحن الآن في خضم المرحلة الرابعة المتضمنة حسم تمثيل القوى التفاوضية للمضي قدماً بباقي المراحل وبالذات مرحلة التفاوض المباشر التي تتضمن دعوة الممثلين المعتمدين لطاولة المفاوضات المباشرة، واعتماد محورين للمفاوضات، الأول: الإتفاق على مبادىء وأسس التسوية المذكورة في هذه الورقة. الثاني: الإتفاق على جدولة للإلتزامات المتبادلة بين الأطراف وبسقوف زمنية محددة لتنفيذ المطالب التي توافقت عليها الأطراف، ثم الخروج بصيغة اتفاق نهائي على المبادىء والمطالب والجدولة المتبادلة، ولقد أقترحنا إسماً أولياً لاتفاق المصالحة هو (وثيقة بغداد).
إشارات
1- جميع مراحل التفاوض تتم بعيداً عن الإعلام.
2- تقوم لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية بتشكيل لجنة برئاستها وعضوية الأطراف ذات العلاقة لمتابعة تنفيذ بنود اتفاق المصالحة.
3- تقترح اللجنة على المتفاوضين ارسال الإتفاق النهائي الى مجلس النواب للمصادقة عليه ليأخذ الصفة القانونية.
4- يعتبر الميثاق السياسي للحكومة أساساً للمفاوضات، وكذلك ورقة التفاهمات الأولية المرفقة.
5- إدارة الحكومة لملف المصالحة لا يعني عدم الإنفتاح على الرئاسات الثلاث من خلال التشاور والتعاون مع ممثليها.
6- التعاون والتنسيق مع المنظمات الأممية والدولية والمحلية ذات العلاقة هو دور تعاوني وتنسيقي ليس أكثر.